آخر الأخبار

Post Top Ad

Your Ad Spot

الأربعاء، 16 يناير 2019

خطبة الجمعة بعنوان إحياء تراثنا الأمازيغي يناير

خطبة الجمعة بعنوان إحياء تراثنا الأمازيغي  يناير 


خطبة الجمعة بعنوان إحياء تراثنا الأمازيغي  يناير
 وقفات مع رأس السنة الأمازيغية


للشيخ: د. التركي باهي
إمام بالمسجد الكبير الشيخ العربي التبسي
تبسة - الجزائر- 1440هـ/2019م 
تحميل الخطبة بصيغة الوورد


خطبة جمعة مطلع يناير وقفات مع رأس السنة الأمازيغية 

الخطبة الأولى

الحمد لله رب العالمين نحمده سبحانه وتعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله تعالى فهو المهتدي ومن يضلله فلن تجد له وليًّا مرشدًا ونصلي ونسلم على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم اللقاء والدين، أما بعد، فإن أصدق الحديث كلام الله تعالى وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الإمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في المار، أعاذنا الله جميعا من النار، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
أيها المؤمنون، أيتها المؤمنات، 
خلال الأيام الأخيرة عاشت بلادنا مناسبتين كبيرتين، هما الإحتفاء باللغة العربية وإحياء تراثنا الأمازيغي (يناير)، وقد طغت أحداث الذكريين على المشاهد المتعددة في حياتنا الإعلامية والسياسية والاجتماعية وغيرها من المجالات، وأرخت بظلالها على كل المواقع والقنوات وملأت الشاشات والجرائد والمجلات، بل أنتجت سجالا وجدالا تباينت فيه الآراء والمقترحات، وكثرت حوله الأفكار وظهرت الشبهات،  وطغى فيه اللغط ووصل النقاش  إلى المشاحنات والملاسنات، واحتاج الناس إلى سماع حكم الإسلام، ليُحِق الحق ويبطل الباطل، وكل هذا بسبب دخول يناير في عز احتفال الناس بالعروبة ولسانها،  وما صاحب ذلك من احتدام الخلاف بين فريقي التعريب والتغريب، وفي هذا الصدد، لا يمكننا ترك الحبل على الغارب،  فلا يوجد أي تصادم بين اللغة العربية والهوية الأمازيغية بلهجاتها المتعددة، القبائلية والتارقية والشاوية والمزابية، وهذا هو الحق، والحق أحق أن يُتّبع، قال الله تعالى: (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ، فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ)، فلتخرس كل الألسنة التي تدعو إلى الفتنة النتنة بدعوى الجاهلية الأولى، كما حاول معشر يهود ومن معهم من المنافقين، أن يفرقوا بين الأوس والخزرج، فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم في من معه من المهاجرين من أصحابه حتى جاءهم، فقال: (يا معشر المسلمين، الله، الله، أبدعوى الجاهلية، وأنا بين أظهركم، بعد إذ هداكم الله إلى الإسلام، وأكرمكم به، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألَّف به بينكم، ترجعون إلى ما كنتم عليه كفاراً)، وهاهو التاريخ يعيد نفسه، ونحن نرى الحاقدين على أمتنا، من أعداء يسعون جاهدين للنيل من لُحمتها ووحدتها، فقد حاولوا بكل الطرق لتشتيت البلاد، والتفريق بين العباد، فلم يجدوا سبيلا يحقق لهم مآربهم الدنيئة، حتى إذا رأوا أمتنا تمجد اللغة العربية وتعتز بهويتها الأمازيغية كبُر عليهم ذلك، وانطلق أعداء الأمس واليوم،  يستخدمون أتباعهم وأذنابهم للتحريش بيننا، وقد نجحوا في استقطاب الدهماء من الناس، فتفاخروا بالأنساب، وتنابزوا بالألقاب.
أيها الناس
إن العربية والأمازبغية عينان في رأس، وهما وجهان لعملة واحدة، واختلاف الألسن والألوان من آيات الله تعالى الموجبة للتدبر والإعتبار، قال الله تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالمين)، فقد كنا شتاتا فوحّدنا دين التوحيد، قال الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا، وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا، كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)، .فينبغي أن نعلن اعتزازنا بالإسلام الذي جمع شتات شعبنا، ولمّ شمل أمتنا، فهو الإسمنت المسلح الذي يحمي  وحدتنا الوطنية، وهو درعنا الواقي لصد كيد أعدائنا، وهو مصدر قوتنا وانتصارنا ومبعث افتخارنا وازدهارنا، قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُون)، 
أيها الناس 
نحن أمازيغ عرّبنا الإسلام،  وإنه لشرف لنا عظيم، أن تنطق ألسنتنا بلغة الوحي المنزل، وذلك من فضل الله تعالى علينا، حيث اختارها الله تبارك وتعالى لتكون لسان أفضل كتبه، وهو القرآن الكريم، قال الله سبحانه وتعالى: ( وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِين)،  ولا بد من تنمية الوعي وترسيخ القناعة بأن لغتنا لغة العلم، قال تعالى: (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)،  فلنحافظ على لغة ديننا، ويجب تفعيلها في الكلام والمجالس والأعمال والأنشطة اليومية وفي المراسلات الرسمية، يقول عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: (تعلموا العربية فإنها من الدين)، فلغة الضاد هي حاملة رسالة الإسلام، وأداة تبليغ الوحي الإلهي، ووعاء شعائره، وقد تحققت معجزة الله تعالى بحفظ القرآن الكريم بهذه اللغة، قال الله تبارك وتعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، وهي حاضنة الحضارة العربية، وبواسطتها انتقلت إلى الأمم والشعوب الغربية، ومنها بنوا معارفهم وأسسوا اختراعاتهم.
أيها المسلمون
احرصوا على تنشئة الأجيال على تعلم اللغة العربية، وحبها والإشادة بها، وهذه مسؤولية الجميع من الآباء والأمهات، وأسرة التعليم، والإعلام وكل المؤسسات،  
لا بد أن يبقى للغتنا شموخها،،وينبغي العمل على ترسيخها، ويبقى التعامل مع اللغات الأجنبية ببصيرة، وحسن استفادة من غير ذوبان أو امتنهان.
أيها الناس
إن شعوبًا كالصين واليابان، اعتزّوا بلغاتهم وحافظوا عليها، فتطوّرا وغزوا العالم بتقدمهم وتفوقهم، وإن لغتنا العربية تملك من القوة والثراء ما لا  تملكه  لغاتهم ولغات غيرهم، وهي اللغة الوحيدة في العالم التي ظلت ألفاظها وتراكيبها في تزايد مستمر منذ نزول القرآن الكريم بلسانها، وهي الآن تساير العلوم، وتتحدّى المعاجم، وتغزو المجامع، وتكسب الأنصار عند الأعاجم، فلا يصلح هجرانها عند أهلها.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية 

الحمد لله رب العالمين وصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى أله وصحبه إلى يوم الدين، أما بعد
أيها المسلمون
إن إحياء المظاهر التي ترتبط بتاريخنا القديم، كعادات يناير، وأعراف الأمازيغ، مما لا يناقض التوحيد وشعائر الدين، كل ذلك يمكن استغلاله في تقوية البناء الداخلي، وإشاعة المحبة والألفة بين مختلف القبائل واللهجات المحلية، في إطار وحدة العقيدة وأخوة الإسلام، وعلينا توجيه الجميع إلى المحافظة على الثوابت الوطنية، وحماية الوحدة الترابية، فنحن أمة واحدة، لا بد لها من رص الصفوف، حتى نكون كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضًا، لأننا جسم واحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، ففي مسند أحمد من حديث عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ،  وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ)، ولا يفوتنا أن نعلن تمسكنا بالحرف العربي عند الرغبة في تعميم تدريس اللغة الأمازيغية،   
هذا وصلوا وسلموا على النعمة المسداة والنعمة المهداة والسراج المنير، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته ، ولا هما إلا فرجته ، ولا كربا إلا نفسته ، ولا معسرا إلا يسرته ، ولا دينا إلا قضيته ، ولا مريضا إلا شفيته ، ولا مبتلى إلا عافيته ، ولا ميتا إلا رحمته ، ولا حيا إلا أصلحته ، ولا غائبا عن أهله إلا رددته سالما غانما، آمين، اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل  محمّد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم،  إنّك حميد مجيد. 

ليست هناك تعليقات:

Post Top Ad

Your Ad Spot

الاكثر إهتماما